ارتفاع ضغط الدم عند المشي وعلاجه
“أشعر بالقلق يا دكتور؛ لقد قست ضغط دمي بعد ممارسة رياضة المشي ووجدته مرتفعًا عن الطبيعي” كان هذا ما قالته أستاذة (سحر) عند زيارتها للطبيب لإيجاد تفسيرٍ لـ ارتفاع ضغط الدم عند المشي ، أو عند ممارسة أي مجهود زائد عن الطبيعي.
أخبرها الطبيب أن ضغط الدم يرتفع طبيعيًّا عند ممارسة التمارين الرياضية فهو رد فعل متوقع من الجسم؛ ومن ثَم فـ ارتفاع ضغط الدم عند المشي ظاهرة طبيعية لا تدعو للقلق، فما أسبابها؟
ومتى يكون ارتفاع ضغط الدم خطيرًا ويتطلب الذهاب إلى مستشفى الطوارئ على الفور؟
وما أسباب هبوط الضغط عند الرياضيين؟ وهل يمكن علاج ارتفاع ضغط الدم بالماء ؟
شاهد في المقالة
ارتفاع ضغط الدم عند المشي | هل المجهود يرفع الضغط ؟
يرتفع ضغط الدم في أثناء بذل أي مجهود؛ لذلك تُعد ظاهرة ارتفاع ضغط الدم عند المشي ظاهرة طبيعية.
في هذه الحالة، يرتفع ضغط الدم بصورة مؤقتة وسرعان ما يعود إلى القراءة الطبيعية خلال 30 دقيقة من ممارسة الرياضة.
تكمن أسباب ارتفاع ضغط الدم عند المشي في أن العضلات تعمل بجهد أكبر، مع زيادة معدل الانقباض والانبساط بسبب حركتها المتواصلة؛ وهو ما يتطلب توصيل كمية أكبر من الأكسجين لهذه العضلات لتعمل بقوة وكفاءة أكبر.
ولأن الأكسجين محمول على كرات الدم الحمراء، يجب أن يضخ القلب كمية أكبر من الدم إلى العضلات لإمدادها بالأكسجين الكافي؛ ما يدفعه للانقباض بقوة أكبر، ومن ثَم يرتفع ضغط الدم.
هل الجري يرفع ضغط الدم ؟
لم تثبت الدراسات قراءة محددة مثالية لضغط الدم في أثناء ممارسة أي رياضة، سواء كانت رياضة جري أو مشي أو مقاومة ورفع أثقال. ولكن من المعروف أن ضغط الدم الطبيعي يكون أقل من 120/80 مم زئبق، وقد أثبتت الدراسات أن ضغط الدم الانقباضي عند المشي أو ممارسة أي تمرين آخر من الممكن أن يصل إلى 200 مم زئبق، بينما لا يتغير ضغط الدم الانبساطي غالبًا أو يتغير تغيرًا بسيطًا.
ولكن لا بد ألا يزيد ضغط الدم الانقباضي عن الـ200 مم زئبق؛ إذ يُعد ذلك أمرًا خطيرًا جدًّا ويتطلب الذهاب إلى المستشفى على الفور، خاصةً إذا كنت تعاني أعراضًا شديدة، مثل:
- ألم شديد في الصدر (الشعور وكأن قلبك يعتصر).
- زغللة في العين وصولًا إلى انعدام الرؤية قليلًا.
- صداع شديد ودوار.
ارتفاع ضغط الدم عند المشي أو عند ممارسة التمارين الرياضية فوق 200 مم زئبق
إذا وصلت قراءة ضغط الدم فوق 180 مم زئبق فربما يكون الشخص:
- مصابًا بمرض ارتفاع ضغط الدم عند ممارسة الرياضة.
- مصابًا بمرض ضغط الدم من الأساس.
- مُعرضًا لخطر الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم.
وفي هذه الحالة، يجب التوجه إلى مستشفى الطوارئ على الفور وعدم الانتظار؛ حتى لا يدخل المريض في نوبة ارتفاع ضغط الدم الخطير “hypertensive crises”، ويصبح معرضًا لخطر الإصابة بجلطات القلب والمخ؛ أي أن ارتفاع ضغط الدم عند المشي أو الجري فوق هذه القراءة يُعد أمرًا خطيرًا.
يختلف ضغط الدم الطبيعي في أثناء ممارسة أي مجهود من شخص إلى آخر، ويعتمد على عوامل كثيرة، منها:
- نوع المجهود الذي تمارسه؛ هل هي رياضة كارديو مثل المشي والجري والسباحة، أم تمارين مقاومة ورفع أثقال؟
- قوة ممارسة الرياضة؛ هل تبذل مجهودًا قليل الشدة أم متوسط الشدة؟
- حالتك الصحية ككل؛ هل تعاني أمراضًا أخرى، مثل أمراض القلب؟
- ما المعدل الطبيعي لقراءة ضغط الدم لديك؟
لا يجب قياس الضغط بعد المشي مباشرة أو بعد ممارسة أي تمرين آخر، ويجب الاسترخاء 30 دقيقة، ثم الجلوس والانتظار خمس دقائق أخرى قبل القياس.
وقد أثبتت الدراسات أن ارتفاع قياس الضغط بعد المشي أو بعد ممارسة الرياضة بساعتين فوق 140/90 مم زئبق، سببٌ كافٍ لتشخيص مرض ارتفاع ضغط الدم عند المشي وممارسة الرياضة.
في بعض الأحيان، تسبب الرياضة ما يُعرف بـ” هبوط الضغط عند الرياضيين “؛ إذ ينخفض ضغط الدم عن 90/60 مم زئبق مسببًا هبوطًا في الدورة الدموية، ومن ثَم يُشخَّص بمرض انخفاض ضغط الدم بعد الرياضة.
هبوط الضغط عند الرياضيين
ربما تتعجب من كيفية الجمع بين أن الرياضة تسبب ارتفاع ضغط الدم فيما يُدعى بارتفاع ضغط الدم عند المشي ، وأن معظم الأطباء ينصحون مرضى ارتفاع ضغط الدم بممارسة الرياضة خاصةً رياضة المشي!
هذا صحيح، إذ تؤدي الرياضة دورًا مهمًّا في حياة مرضى ارتفاع ضغط الدم، وذلك لأن ممارسة الرياضة لها عدة فوائد، مثل:
- تقوية عضلة القلب؛ فالقلب عضلة مثل أي عضلة بالجسم تقوى عند تمرينها على تحمل قوة أكبر؛ لذلك كلما زاد معدل ضخ الدم زادت قوة عضلة القلب.
- المساعدة في إفراز مادة أكسيد النيتريك في الدم، التي تعمل على استرخاء الأوعية الدموية؛ ومن ثَم الحد من ارتفاع ضغط الدم عند المشي أو ممارسة الرياضة.
- تقليل الوزن ونسبة الكوليسترول في الدم؛ فتحسن من صحة الأوعية الدموية ومن ثَمّ تحافظ على ضغط الدم ضمن معدله الطبيعي.
- تقليل التوتر العصبي والنفسي؛ فيقل إفراز هرمونات التوتر التي ترفع ضغط الدم، مثل: الأدرينالين والكورتيزون.
- زيادة مرونة الأوعية الدموية؛ ومن ثَم استيعاب كمية الدم الكبيرة التي يضخها القلب عند المشي أو بذل مجهود دون الحاجة لارتفاع ضغط الدم.
- يقل ضغط الدم بعد ممارسة الرياضة؛ وذلك لتباطؤ عمل القلب، وتراكم الدم بالأطراف أكثر، كما تتمدد الأوعية الدموية الخاصة بالجلد والأطراف وتستوعب كمية أكبر من الدم؛ لتسريب الحرارة والطاقة التي أنتِجت في أثناء ممارسة الرياضة، وكأنه رد فعل فسيولوجي طبيعي من الجسم للحد من ارتفاع ضغط الدم عند المشي أو عند بذل أي مجهود.
تنصح منظمة القلب الأمريكية بممارسة الرياضة مدة 150 دقيقة خلال الأسبوع، بمعدل 30 دقيقة مدة خمس أيام فقط، دون الحاجة للاشتراك بصالة الجيم أو اقتناء معدات رياضية ثمينة، فقط اذهب للمشي!
وقد أثبتت الدراسات أن هبوط الضغط عند الرياضيين مقبول إذا قل ضغط الدم الانقباضي بمعدل 4 إلى 7 مم زئبق، ولكن عند هبوطه أكثر من ذلك عليك استشارة الطبيب على الفور.
رفع القدمين عند ارتفاع الضغط
يعتقد البعض أن رفع القدمين عند ارتفاع الضغط يساعد في خفض ضغط الدم، وذلك غير صحيح على الإطلاق؛ إذ أثبتت دراسة أُجريت على 8 أشخاص أصحاء أن ضغط الدم لديهم ارتفع عند رفع القدمين من 20 إلى 40 درجة مدة عشر دقائق.
وأثبتت دراسة أخرى أن ضغط الدم الانقباضي يرتفع بمعدل 4 مم زئبق عند رفع القدمين؛ وذلك لزيادة المقاومة للتغلب على إلغاء عنصر الجاذبية الذي حدث.
هل يمكن علاج ارتفاع ضغط الدم بالماء ؟
يُعد الماء سلاحًا ذا حدين على ضغط الدم؛ إذ تسبب قلة الماء إلى حد الجفاف ارتفاع ضغط الدم، بينما يؤدي زيادة الماء في الجسم إلى زيادة الحمل على القلب فيحتاج المريض إلى مدرات البول لخفض ضغط الدم.
يؤدي جفاف الجسم وقلة المياه به إلى:
- زيادة لزوجة الدم، ومن ثَم تزداد المقاومة فيرتفع ضغط الدم.
- إفراز هرمون الرينين من الكلى، والذي يعمل على حفظ الماء والصوديوم في الدم؛ لرفع ضغط الدم والحفاظ على وصول كمية كافية منه لأعضاء الجسم.
- تنشيط المخ لإفراز هرمون قابض للأوعية الدموية؛ للحفاظ على وصول كمية مناسبة من الدم للأعضاء المهمة مثل القلب والكلى.
لذلك يجب الحفاظ على تناول 6 إلى 8 أكواب من الماء يوميًّا، ما يُعادل 1.5 إلى 2 لتر من الماء.
وفي دراسة أخرى أُجريت على 174 مريض يعانون ارتفاع ضغط الدم، خلال 10 أيام من الامتناع قليلًا عن الماء والاعتماد على الخضروات والفاكهة فقط، لُوحِظ أن 90% من المرضى انخفض ضغط الدم لديهم عن 140/90 مم زئبق.
لذلك نخلُص إلى أنه لا يمكن الاعتماد على الماء فقط في علاج ارتفاع ضغط الدم؛ ويجب أن تناقش طبيبك بخصوص كمية المياه التي يجب أن تتناولها إذا كنت تعاني ارتفاع ضغط الدم.
الخلاصة
يُعد ارتفاع ضغط الدم عند المشي وممارسة الرياضة تغيرًا فسيولوجيًّا طبيعيًّا لا داعي للقلق منه، ومع ذلك فيجب ألا يتعدى ضغط الدم 180/120 مم زئبق؛ حتى لا يتعرض المريض لخطورة جلطات القلب والمخ.
المصادر
- Blood Pressure After Exercising: What’s Normal, Seeking Help, and Safety
- Should My Blood Pressure Be 120/80 Even After Exercise?
- Blood pressure after exercise: Understanding spikes and drops
- “Exercise Hypertension” Occurs When Cells Can’t “Relax,” Hopkins Researchers Find
- Ask the doctor: Are my blood pressure and heart rate changing normally during exercise?
- What Is the Blood Pressure of a Very Fit Person?
- Effects of passive leg raising on cardiovascular functions as analyzed by fingertip pulse pressure profiles
- Passive leg raising does not produce a significant or sustained autotransfusion effect
- Can Drinking Water Lower Your Blood Pressure?
- Medically supervised water-only fasting in the treatment of hypertension